{وما نريهم من آية إلاَّ هي أكبرُ من أختها} قرينتها وصاحبتها التي كانت قبلها {وأخذناهم بالعذاب} بالسِّنين والطُّوفان والجراد {لعلهم يرجعون} عن كفرهم.{وقالوا يا أيها الساحر} خاطبوه بما تقدَّم له عندهم من التَّسمية بالسَّاحر: {ادع لنا ربك بما عهد عندك} فيمن آمن به مِنْ كشف العذاب عنه {إننا لمهتدون} أَيْ: مؤمنون.{فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون} ينقضون عهدهم. وقوله: {وهذه الأنهار تجري من تحتي} بأمري. وقيل: من تحت قصوري.{أم أنا} بل أنا {خير من هذا الذي هو مهين} حقيرٌ ضعيفٌ، يعني: موسى. {ولا يكاد يبين} يُفصح بكلامه لِعِيِّه.{فلولا} فهلاًّ {ألقي عليه أسورة من ذهب} حليٌّ بأساور الذَّهب إن كان رئيساً مُطاعاً؟ والطَّوق والسِّوار من الذَّهب كان من علامة الرِّئاسة عندهم. {أو جاء معه الملائكة مقترنين} مُتتابعين يشهدون له.{فاستخف قومه} وجد قومه القبط جُهَّالاً.{فلما آسفونا} أغضبونا بكفرهم. {انتقمنا منهم}.{فجعلناهم سلفاً} مُتقدِّمين في الهلاك ليتَّعظ بهم مَنْ بعدهم {ومثلاً للآخرين} عبرةً لمَنْ يجيء بعدهم.{ولما ضرب ابن مريم مثلاً} نزلت هذه الآية حين خاصمه الكفَّار لما نزل قوله تعالى: {إنَّكم وما تعبدون من دُونِ الله...} الآية، فقالوا: رضينا أن تكون آلهتنا بمنزلة عيسى، فجعلوا عيسى عليه السَّلام مثلاً لآلهتهم، فقال الله تعالى: {ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يَصِدًّون} أَيْ: يضجُّون، وذلك أنَّ المسلمين ضجُّوا من هذا حتى نزل قوله تعالى: {إنَّ الذين سَبَقَتْ لهم منا الحُسنى أولئك عنها مُبعدون} وذكر الله تعالى في هذه السُّورة تلك القصَّة، وهو قوله: {وقالوا أآلهتنا خيرٌ أم هو} يعني: عيسى عليه السَّلام. {ما ضربوه لك إلاَّ جدلاً} أَيْ: إلاَّ الإرادة للمجادلة؛ لأنَّهم علموا أنَّ المراد بحصب جهنم ما اتَّخذوه من الموات. {بل هم قوم خصمون} يجادلون بالباطل، ثمَّ بيَّن حال عيسى عليه السَّلام فقال: {إن هو إلاَّ عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل} آيةً تدلُّ على قدرة الله.{ولو نشاء لجعلنا منكم} بدلكم {ملائكة في الأرض يخلفون} بأن نلهككم ونأتي بهم بدلاً منكم يكونون خلفاء منكم.{وإنه} أَي: وإنَّ عيسى {لعلم للساعة} بنزوله يُعلم قيام السَّاعة {فلا تمترنَّ بها} لا تشكُّوا فيها.